الثلاثاء، 6 مايو 2008

فيروز يا فيروز

كعروس تتأنق لليلة العمر و تتالق بابهى حلة، تحضرت للقائها. و ارتديت ثوبا جديدا و تعطرت باريج جديد و حملت حبي لها في قلبي و تأبطت ذراع زوجي حبيبي و توجهنا الى مكان العرض. مئات يحتشدون امام الابواب التي فتحت باكرا لاستقبالهم و كل يدندن على فيروزه... نعم لكل حاضر و حاضرة حكاية مع فيروز و صوت فيروز و اسطورة فيروز. فاغنية "قمرة يا قمرة" هي التي يدندن بها حبيبي تحببا لي و "حبيبي بدو القمر" هي التي اراه فيها و غيرنا الكثيرون. كم كان يستمتع زوجي و لا يزال بشرح معاني كلمات اغاني فيروز و الحانها من خلال قاموسه الشخصي للحب و العشق. الكل متانق للقائها. كبار و صغار، عرب و اجانب حتى. فانه حتما لن يتسنى لك في اي يوم لقاء "الفيروز" مباشرة على المسرح كانك تلمسها من بين السحاب او سماع صوتها مباشرة يداعب احاسيسك الجياشة بالحب بفضلها. قال زياد يوما فيروز خدعت الناس زمنا طويلا لانها اوهمتهم بوجود هذا العالم في صوتها. هذا العالم وهمي و غير موجود. و انا اقول لزياد عالم فيروز هو الحقيقة و كل ما سواه وهم، وهم زائل.
صح النوم و رفعت الستارة... و ها هي السيدة فيروز الى يمين خشبة المسرح ممسكة ب "شمسيتها" لوازم دور قرنفل الشهير.. عيناي شاخصتان اليها ولم اسمع اي شيء من موسيقى و عبارات العرض المسرحي رغم وجود ايلي شويري الطاغي ، انتظر حركاتها و اعد سكناتها و قلبي يخفق بدقات متسارعة و عندما استدارت و صدح صوتها عاليا تعالى التصفيق الحار و الهتافات المجنونة لعشاق عالمها السحري الخيالي . فنحن الفيروزيون هنا ننتمي الى هذا العالم مهما حاول زياد نزع هذا الانتماء منا... اليس هو بدوره منتم ايضا حتى النخاع؟ لم تتوقف فيروز عن متابعة دورها حتى ينتهي التصفيق و الهتاف... بل استمرت لانها تعرف ان توقفت هي فلن نتوقف نحن.. ابدا حتى نعيا من التصفيق و الهتاف.
و استمر العرض و زينه انطوان كرباج بحضوره لآاسر. و نام الوالي. و غنت له فيروز "يلا ينام يلا ينام " و التشتشي... و بكى الجمهور كبيره و صغيره, موجه من الجنون و القشعريرة دارت برؤوسنا قبل احاسيسنا و بكينا... يلا ينام يلا ينام لها عند الفيروزيين وقع خطف الانفاس، وقع حنان الام، وقع الصوت الملائكي الذي حما اللبنانيين من اصوات المدافع لاعوام خلت،و بكينا. مثلت و غنت و زينت المسرح بمشيتها السبعينية الرشيقة و ابتسمت ايضا! نعم ابتسمت تلك التي حملت ارزة لبنان في قلبها لسنوات و لا تزال. قال احد الحاضرين ما زلت لا اعرف اضحك ام ابكي ، فيروز امام عيني و انا غير مصدق !
ليست المرة الاولى التي اراها على المسرح. بل حضرت حفلا لها في دبي قبل ذلك ها انا اليوم احضر عرض مسرحية صح النوم و اشاهد فيروز الممثلة للمرة الاولى، و فيروز بالنسبة لي دائما كانها المرة الاولى! في كل عام انضج معها و احبها اكثر افهمها اكثر و تفهمني اكثر و اعيش حبي من خلالها اكثر.
حيتنا باقتضاب لانها تعلم ايضا اننا لن نكل من التصفيق و الهتاف و قد اعترتنا موجة من هستيريا الحب الفيروزي الابدي.
و اذا سئلت يوما ما الذي قد تقولينه للسيدة فيروز لو تسنت لك مقابلتها للحظات، العديد ممن سالتهم قالوا لن نستطيع التفوه بكلمة، اما انا فساقول لها، ان اضاع اللبنانيون لبنانهم بسبب خلافاتهم، فان فيروز وحدها ستبقى هي لبنان! و انت ماذا ستقول لها؟

ليست هناك تعليقات: